U3F1ZWV6ZTQyOTkyMTg2NzMzX0FjdGl2YXRpb240ODcwNDIxNTg3MTE=
recent
أخبار ساخنة

الاختلاف والتعددية السياسية

الاختلاف والتعددية السياسية




الموضوع.

قدرة النظام الديمقراطي على احتواء التعددية السياسية. 

تقديم:

لمصطلح الخطاب السياسي حضور واضح في معظم الأبحاث التي ترتبط بمجال  السياسة، والخطاب السياسي شكل من  أشكال الخطاب الذي يتخذ من فن إدارة و تدبير الشؤون العامة للدولة و توجيهها موضوعا  له كما يعرفه البعض بأنه ممارسة اجتماعية تسمح للأفكار والآراء والمواقف المختلفة من القضايا السياسية بأن تمرر وتنتشر بين مختلف فئات المجتمع  ومن هنا فإنه يعتبر خطابا إقناعيا يرمي الى حمل المخاطبين على قبول الأفكار التي يقدمها لهم ويهدف الى إقناعهم  بصحتها  مستغلا الحجج والأدلة

 المناسبة لذلك و هو عدة انواع :

خطاب الأغلبية:

 و يعمل على التذكير بإيجابيات وإنجازات السلطة القائمة أو النظام المسير للحكم .

خطاب المعارضة:

 ويركز على مواطن الضعف والنقصان لدى السلطة القائمة ويسعى إلى تقويمها وتشكيل رقابة عليها خدمة لمصالح المجتمع.

 الخطاب الأكاديمي:

خطاب محايد يتخذ من السياسة و قضاياها موضوعا له.

وعلى الرغم من تعدد التعاريف التي يمكن أن تؤطر الخطاب السياسي إلا أنه يظل شكلا من أشكال الخطاب والذي يعمل صاحبه (فردا كان أو جماعة ) من خلاله على مواصلة الخوض في مواضيع تمت بصلة للعالم السياسي إما بشكل مؤيد أو معارض أو أكاديمي.

نوعية النص

 مقالة حجاجية للكاتب السوري برهان غليون وتشير العبارة التوثيقية في آخر النص إلى أنه أخذ من مصدر يحمل عنوان "حوار من أجل الديمقراطية "ص 155 وما بعدها وهو مدرج ضمن مقرر منار اللغة العربية لمستوى الأولى بكالوريا للشعبة العلمية.

 ملاحظة النص:

توج النص بعنوان يتمثل في العبارة الآتية:( الاختلاف والتعددية السياسية) كما أنه قد ذيل بعبارة تحدد مصدره وتتمثل في جملة: "حوار من أجل الديمقراطية" ونلاحظ ان العنوان والمصدر يضمان مفهومين أو جملتين تنتميان إلى الحقل الدلالي السياسي وهما التعددية السياسية وحوار من أجل الديمقراطية، وبناء عليه يمكن القول إن النص ينتمي إلى الخطاب السياسي.

 يتكون العنوان من ثلاث كلمات تشكل معطوفا و معطوفا عليه و نعتا فالمعطوف عليه الاختلاف يدل على التنوع و التباين بينما يؤكد المعطوف التعددية هذا المعنى في حين يقوم لفظ النعت السياسية بتحديد مجال هدا التنوع و الاختلاف و يحصره في المجال السياسي  و يتحدث الكاتب في الفقرة الأولى  عن قدرة المجتمع الديموقراطي على استيعاب مظاهر الاختلاف كما يؤكد في الفقرة الاخيرة على أن التعددية تقتضي السلم القائم على حلول وسط ، وتؤكد هذه المعطيات على أن النص منسجم مع مضمون العنوان وأنه يتناوله بالشرح والتفسير والتحليل رابطا التعددية السياسية بالنظام الديمقراطي باعتباره النظام السياسي الوحيد القادر على معالجة الاختلافات الحزبية والسياسية داخل المجتمعات.

 فهم النص:

يمكن تتبع أهم مضامين النص على الشكل الآتي:

 يأخذ التعدد في في المجتمعات المعاصرة شكلين : أولهما التعدد الديني و المذهبي والإثني واللغوي وتعدد الأصل الاجتماعي  والقبلي  وثانيهما التعدد الفكري والطبقي والجهوي وهي اختلافات تشكل انماط تعدد خطيرة تهدد تماسك المجتمعات.

 يتجسد الاعتراف بالتعددية في حق القوى المعبرة عن التعدد في تكوين الاحزاب و الحركات السياسية و جماعات المصالح و قوى الضغط للتعبير عن آرائها و الدفاع عن مصالحها فيكون تعبيرها علنيا سلميا مشروعا يكفله الدستور.

 يتميز النظام الديمقراطي بواقعيته وعدم تعاليه على حقائق التركيبية الاجتماعية وباعترافه بأوجه الاختلاف والتعددية داخل المجتمع ويعمل على تنظيم تلك التعددية وتطوير المجتمع من خلالها.

تحليل النص:



 معجم النص:

لا شك أن هذا النص كغيره من النصوص قد استعمل فيه الكاتب نسيجا من الحقول الدلالية لبناء نص يوفر المضامين والأفكار التي يهدف إلى التعبير عنها لكنه وبشكل خاص قد استعان بحقلين دلاليين رئيسيين وهما:

 حقل دال على ميزات النظام الديمقراطي:

 نظام واقعي لا يكبت بالقوة مظاهر الاختلاف، لا ينكر حق التعدد، لا يتعالى على حقائق التركيبية الاجتماعية، يعترف بالواقع، يعايشه سعيا الى تطويره...

حقل دال على ميزات النظم غير الديمقراطية:

 التستر على أوجه الاختلاف، إنكار التعدد، كبت مظاهر التعبير العلني المشروع...

  نستنتج ان حقل ميزات النظام الديمقراطي يهيمن على الحقل الاخر نظرا لأنه يشكل المحور الرئيسي للنص كما تقوم بين الحقلين الدلاليين علاقة تضاد تعكس مدى اختلاف النظام الديمقراطي عن غيره من النظم السياسية الأخرى التي لا تعترف بالاختلاف السياسي.

نوع الخطاب السياسي:

 يبدو من النص ان الكاتب يعمل على عرض طرحه بخصوص النظام الديمقراطي وقدرته على احتواء التعددية السياسية داخل المجتمعات البشرية  بشكل موضوعي مما يدل على انه ينتمي الى الخطاب الأكاديمي وإن كانا نلمس أحيانا  نوعا من المبالغة في وصف إيجابيات هدا النظام مما يجعله يتقاطع مع خطاب الأغلبية . 

البناء الاستدلالي:

الأطروحة:

يشير الكاتب الى أن الاختلاف فطري لا يمكن إنكاره بل لابد من الاعتراف به.

نقيض الاطروحة:

إنكار الاختلاف والتعددية السياسيين وعدم الاعتراف بهما.

الاستنتاج:

ضرورة الاعتراف بالاختلاف والتعددية السياسيين في الواقع عن طريق السماح بتكوين الأحزاب والحركات السياسية وإعطائهم الحق في المشاركة في العمل السياسي.

الحجج والأدلة:

 أكد الكاتب على صحة أفكاره من خلال إدراجه لمجموعة من الحجج والأدلة:

أ- حجج واقعية:

 حين أشار إلى أن الاختلاف شيء فطري في الإنسان "الاختلاف فطرة فطر الله البشر عليها..."، "والتعدد في المجتمعات المعاصرة يأخذ شكلين..."

ب- حجج منطقية:

 بدليل قوله " ومما لا جدال فيه أن أفضل سبل التعبير السليم عن التعددية في مجتمع ما هو الاعتراف بوجودها ..."، "والاعتراف بأوجه الاختلاف في المجتمع ومعالجته السليمة يتطلبان في المقام الأول أن يكون لوجود التعددية معنى سياسي ملموس"

أسلوب النص:

قام الكاتب بتكرار مجموعة من الافكار و المفردات مثل فكرة النظام الديمقراطي والتعدد و الاختلاف وهو ما يدل على ان الاسلوب البلاغي الذي اختاره الكاتب للتعريف بالنظام الديمقراطي و الذي مكنه من شرح و تفسير عناصره و مميزاته و قدرته على استيعاب التعدد هو اسلوب الاطناب .

كما أن الكاتب قد اعتمد الأسلوب الخبري وعاء لغويا لأفكاره سعيا منه إلى نقل أفكاره إلى المتلقي بكل سلاسة ناهيك عن مساهمة هذا الأسلوب في إقناع كل قارئ لهذا النص بصحة مضامينه. ويعتبر الأسلوب الخبري عاملا رئيسيا يساهم في منح لغة النص طابعا تقريريا.

أرى أن الكاتب السوري برهان غليون قد استطاع أن يعرفنا على أوجه الاختلاف 

والتعددية السياسية التي يعج بها المجتمع كما قربنا من دور النظام الديمقراطي في معالجة هذا الاختلاف ، وقد قام على امتداد النص بتحليل علاقة النظام الديمقراطي بالاختلاف السياسي مستعينا بعدة حجج ساهمت في إقناعنا بالعلاقة الإيجابية التي تكمن بين النظام الديمقراطي ومختلف أشكال التعدد السياسي.


الاسمبريد إلكترونيرسالة