تحليل نص "الثورة التكنولوجية الجديدة"

:  الموضوع 

تحليل نص: خصائص مجتمع المعرفة ومقوماته

 

صاحب النص: الكاتب المصري أحمد أبو زيد.

النص مأخوذ من كتاب العربي :"المعرفة وصناعة المستقبل" يوليو 2005 الصفحة 97 ومابعدها وهو مقرر ضمن نصوص المجزوءة الاولى من المقرر المدرسي منار اللغة العربية    للسنة الثانية بكالوريا للشعب العلمية

تقديم : مجتمع المعرفة هو اسم جديد يصف قوة المجتمعات الجديدة وآلة تقدمها وبسط سيطرتها ونفوذها واستعراض مكامن قوتها مقابل الأسماء القديمة التي تدرجت من مجتمع زراعي او مجتمع فلاحي الى مجتمع صناعي  وقد تغير مفهوم مجتمع معرفة بعدما شهد العالم اعظم ثورة في مجال البحث و المعرفة وهي ثورة غيرت من رؤية الشعوب الى العالم فأصبحت المعرفة اداة مؤشرة في تشكيل انماط حياة المجتمعات الانسانية و اصبحت المعرفة مصدر قوة تتفوق على مصادر القوة التقليدية أي على قوة الارض و على قوة المال.

 فعلى امتداد القرون الماضية عاش العالم تطورات متتابعة وتحولات عديدة في أساليب العيش وتدابير الحياة وأدوات تدبير جوانب الحياة المختلفة بما فيها  الجوانب الاقتصادية وقد استجدت لدى الانسان احتياجات عديدة: فاعتمد على الزراعة لمدة طويلة من الزمن قبل أن يتحول الى ما هو أرقى من ذلك من حيث قدرته على تطويع الأشياء وتصنيعها لتسهيل الحياة البشرية أكثر ولإنتاج زراعي أوفر بمجهود أقل. إنه انتقال إلى عصر الصناعة والتي مرت بأكثر من مرحلة:

أ- مرحلة الثورة الصناعية الكبرى الاولى في القرن الثامن عشر الذي تميز باستبدال الآلات اليدوية بعد بالآلات البخارية واعتماد التعدين.

ب - مرحلة  الثورة الصناعية الثانية التي عرفها العالم   بعد مرور قرن واحد على المرحلة الأولى مع اكتشاف  الكهرباء و المحركات ذات الاحتراق الداخلي و المواد الكيميائية  المستحدثة بواسطة الأبحاث العلمية المنظمة و عمليات صب الصلب إضافة إلى تكنولوجيا الاتصال الأولى مع اكتشاف التلغراف و الهاتف.

 وما لبث التطور الصناعي أن قفز قفزة نوعية قوية في العصر الحالي فتميز بظهور تكنولوجيا جد متطورة في مجال الاتصالات والمعلومات وبناء على ذلك تغيرت سمات المجتمع وخصائصه ونظمه وهو ما أدى الى تبلور مفهوم جديد للمجتمع وهو مجتمع المعرفة.

لقد تبلور إذن هذا المفهوم بعدما شهد العالم أعظم ثورة في مجال المعارف والمعلومات حيث غيرت هذه الثورة من رؤية الإنسان الى العالم فأصبحت المعرفة تؤثر في تشكيل جميع أنماط حياة المجتمعات الإنسانية من حيث صياغة أنظمتها وأشكال العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية فيها وتؤثر كذلك في تجديد نظرة هذه المجتمعات إلى المستقبل فقد أصبح من الأكيد أن المعرفة والتطور العلمي يمكن أن يأخذا الإنسان إلى حدود بعيدة جدا قادرة على تجاوز كل التوقعات. 

ملاحظة النص:

يتميز العنوان بطابع الإخبار والاختزال حيث يشير الى ان النواة الدلالية الرئيسية للنص مرتبطة بعبارة "مجتمع المعرفة" ومن جهة أخرى يدل العنوان على تركيز النص على تحديد وتتبع الخصائص والمقومات المحددة لمجتمع المعرفة وهو ما يسمح بوضع السؤال الآتي: ماهي مقومات وخصائص مجتمع المعرفة؟

فهم النص:

يرى الكاتب أن المجتمع المعرفة لا يقنع باستخدام المعلومات لفهم واقع الحياة فقط و انما يعمل بالإضافة الى ذلك على انتاج المعرفة و تسويقها باعتبارها مصدرا اقتصاديا رئيسيا.

ويضيف الكاتب إلى ذلك أن مجتمع المعرفة يقوم على نوع خاص من التعليم يؤهل الى القيام بمهام تتصل اتصال مباشرا بتقديم الخدمات العامة التي قد تمتد الى مجتمعات و مناطق لم يكونوا قادرين على الحصول عليها من قبل.

كما يوضح أن تقويم السلعة في مجتمع المعرفة لا يقاس فقط بما بذل في انتاجها من مجهود و ما أنفق عليها من رأس مال و إنما أيضا بحسب المعرفة أدت الى إنتاجها.

تحليل النص:

يقول الكاتب" أصبح إنتاج المعرفة و تسويقها مصدرا اقتصاديا رئيسيا يحمل في ثناياه بذور السيطرة: الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ".

يربط الكاتب في هذه القولة الجانب الاقتصادي بعملية الانتاج المعهودة وتسويق هذه المعرفة بحيث تصبح  أهم عنصر  يخول للدولة الحديثة القوة الاولى التي تمكنها من السيطرة  اجتماعيا  وسياسيا وتمنحها فرصة التفوق اقتصاديا، إنها ببساطة  تتخذ من انتاج المعرفة اساسا لكل أنشطتها وتحضر على مستوى التعليم، جيلا قادرا على إنتاج المعرفة وتسويقها مستقبلا والوصول بها إلى أبعد نقطة ممكنة داخل الرقعة التسويقية الدولية على الرغم من احتمالية وجود منافسة .

المستوى المعجمي:

تتحكم في معجم النص حقول دلالية عديدة اهمها :

 -حقل دال على "مجتمع المعرفة ":

 انتاج ونشر المعرفة – المعرفة المختلفة – المعرفة التي لاتباع ولا تشترى – الذي تحتل فيه المعرفة – محل العمل...

حقل دال على "الجانب الاقتصادي" :

 نمو متزايد – رأس مال – الاقتصاد الجديد – مصدرا اقتصاديا – انشطة للمجال الاقتصادي...

تقوم بين هذين الحقلين الدلالين علاقة ترابط قائمة على التكامل والتلازم و ذلك لان المعرفة اصبحت اهم مصدر للقوة الاقتصادية.

الأساليب اللغوية والحجاجية الموظفة في النص:

لا يخلو هذا النص باعتباره نصا مقاليا من توظيف ظواهر وأساليب لغوية وحجاجية تضمن للنص اتساقه وتساهم في تقوية بنيته الاستدلالية ومن الأمثلة على ذلك نذكر ما يلي:

المقارنة:

اعتمد الكاتب أثناء عرضه لمضامين نصه أسلوب المقارنة باعتباره وسيلة أسلوبية تمكن من تفسير موضوع مجتمع المعرفة وتساعد المتلقي على الاستيعاب الجيد لمميزاته وأسسه فعمل على اغتنام كل فرصة سانحة للمقارنة بين مجتمع المعرفة وباقي المجتمعات بطريقة مباشرة أو غير مباشرة:

"وقد يكون من الصعب قياس مقدار المعرفة التي تدخل في عملية الإنتاج، وذلك بعكس العناصر الأخرى التي يعطيها مجتمع الصناعة الأولوية في التقويم..."...

 التعريف الدلالي: مجتمع المعرفة الذي لا يقنع باستخدام المعلومات...

 الترادف : الأعمال و الأنشطة ...

 التضاد : البيع و الشراء ...

 الاشتقاق: ثمة عدة كلمات داخل النص تقوم بينها علاقة اشتقاق مثل:

 تتصل اتصالا ، تحل محله...

 كما قدم الكاتب عدة أدلة تثبت  صحة و جهة نظره ويمكن الاعتماد عليها في وصف مجتمع المعرفة مثل مدى الاعتماد  على الحاسوب و الانترنت وكذا الذكاء الصناعي ...

 ويحضر الأسلوب الخبري  في النص بمختلف مستوياته :

الخبر الابتدائي :" يتطلب ظهور مجتمع المعرفة امكانات خاصة ..."

الخبر الطلبي : "فان العنصر الاساسي المميز ... "

الخبر الانكاري: "كما انها تحل محل التنظيم..."

تركيب وتقويم 

استعان الكاتب في هذا النص بمعجم تحكم فيه حقلان دلاليان هما :

حقل مجتمع المعرفة و حقل الجانب الاقتصادي و تقوم بين هذين الحقلين الدلاليين  علاقة ترابط و تكامل و من أجل جعل افكار ومضامين نصه واضحة و قريبة من الملتقى فقد استعمل مجموعة الاساليب التفسيرية واللغوية مثل المقارنة والتعريف الدلالي   والتضاد و الترادف والاشتقاق والخبر بأنواعه ،ناهيك عن توظيف مجموعة من الحجج والأدلة، و لقد استطاع الكاتب من خلال ذلك كله أن يعرف القارئ على مجتمع المعرفة و خصائصه و مقوماته وقد نجح بالفعل في أن يحسسه بمكامن قوة  المجتمعات المعاصرة  وأن يبرز الدور الكبير الذي باتت المعرفة تقوم به في ظل ذلك.