U3F1ZWV6ZTQyOTkyMTg2NzMzX0FjdGl2YXRpb240ODcwNDIxNTg3MTE=
recent
أخبار ساخنة

السرد

 الموضوع: تقنية السرد


تعريف السرد لغة واصطلاحا

السرد لغة تقدم شيء الى شيء، وان يؤتى به متسقا بعضه في إثر بعض . ويقال سرد فلان الصوم إذا والاه  و تابعه و في المعجم الوسيط سرد فلان الحديث سردا اذا أتى به على ولاء جيد السياق.

أما في الاصطلاح ، فهو الإخبار عن أحداث واقعية او متخيلة ، و نقلها باستعمال اللغة او الصورة او الإيماء او غيرها من وسائل التعبير بشكل يجسد تتابعها و يحافظ على واقعيتها او يوهم بهذه الواقعية إن كانت الاحداث المسرودة متخيلة .

و السرد بهذا المفهوم ظاهرة تعبيرية انسانية عامة حاضرة في معظم اجناس التعبير و اشكاله مثل الاسطورة و الخرافة و الحكاية و الملحمة و التاريخ  وكذا فنون المسرح و السينما و الخبر الصحفي...

و يعتبر السرد الأدبي من أهم أنواع السرد و أكثرها انتشارا و هو يعتمد اللغة لنقل الأحداث و الوقائع ليس بهدف النقل في حد ذاته و لكن من أجل الإمتاع الجمالي والتخييلي والاثارة الفنية ايضا. لذا كان السرد حاضرا في عدة اجناس و فنون أدبية: في الشعر و في القصة و الرواية ، و في الرحلة و السيرة بنوعيها الذاتية و الغيرية غير أن ما يميز الاجناس و الفنون السردية هو هيمنة الخطاب السردي عليها.

مكونات السرد.

يقترح الدارسون للنصوص السردية القيام بإجراءين منهجيين اثناء الإقدام على تحليل أي 

نص ذي طبيعة سردية : 

أــ التمييز بين الحكاية و الخطاب:

 فإذا كانت الحكاية مجموعة من الأحداث او الأفعال تقوم بها شخصيات تربط بينها علاقات و تدفعها الى القيام بأفعال في فضاء زماني و مكاني معينين، فإن الخطاب هو الشكل اللغوي الذي يجسد الحكاية في نص فيخضع ترتيب أحداثها لمقتضيات السرد باستعمال اللغة و يعرضها من زاوية نظر القائم بالسرد محكومة في ادراكها بخلفياته و بفهمه لسياق حدوثها , و بغرضه من نقلها.

و بصيغة أخرى فالسرد ليس متنا حكائيا منعزلا وليس شكلا وطريقة خاصة في العرض اللغوي بل هو جماع الأول والثاني أي الحكاية والخطاب الحكائي بجميع مكوناته و يمكن تفصيل هذين المظهرين الأساسيين و المتكاملين كما يلي:

1- المظهر الحكائي(الحكاية أو المتن الحكائي):

و يرتبط بمجموع الاحداث و الافعال التي تقوم بها شخصيات تربط بينها علاقات , و تدفعها حوافز بعينها الى التحرك و الفعل في اطار زماني و مكاني لذلك يتم التركيز في هذا المستوى على دراسة المسار الذي يعرفه تطور الاحداث و المبادئ المنطقية التي تنظم العلاقات القائمة بينها كما يتم الاهتمام ايضا بالبحث في ادوار الشخصيات القائمة بالأحداث و الدوافع التي تحركها او تكمن خلف المواقف التي تتخذها و العلاقات التي تربط بين   الشخصيات في ضوء حوافزها.

2-المظهر الخطابي(الخطاب/الخطاب الحكائي السردي):

وفي هذا المستوى نتحدث عن الكيفية التي أطلعنا بها السارد على الاحداث، ولذلك فالمظهر الخطابي يعتبر بمثابة الشكل اللغوي الذي يجسد الحكاية في النص السردي فيخضع ترتيب أحداثها لمقتضيات السرد باستعمال اللغة و يعرضها من زاوية نظر السارد .

ب ــ التمييز بين الكاتب و السارد :  

فإذا كان الكاتب المبدع هو الناقل الفعلي للأحداث المخبر عنها، فإنه من خلال الخطاب لا يقوم بذلك مباشرة بل يسند المهمة إلى شخصية وهمية وهي التي يصطلح عليها باسم  الراوي أو السارد الذي قد يكون إحدى الشخصيات القائمة بالأحداث او يكون ملاحظا يقوم بالسرد من الخارج و يتم توجيه الخطاب  على لسانه و لهذا فإن تقنية الراوي تقنية فنية وظيفتها القيام بالخطاب و توجيهه على لسانها والواقع أن المبدع يتقمصها لينقل بواسطتها ما يود التعبير عنه .

إن القيام بهذين الإجراءين يمكن كل  محلل للنص السردي من ان يتبين

 المعطيات الآتية :

1ــ على مستوى الحكاية يمكن تمييز ما يلي :

أ - ادوار الشخصيات القائمة بالأحداث و الدوافع  او العوامل التي تكمن خلف المواقف التي تتخذها في سياق الحكاية .

ب - العلاقات التي تربط بين الشخصيات في ضوء دوافعها.

ج - المسار الذي يعرفه تطور الأحداث ، و المبادئ المنطقية التي تسوغ العلاقات القائمة 

بينها و توهم بواقعيتها أو إمكان حدوثها.

 -على مستوى الخطاب

يمكن التمييز بين ما يلي :

أ . زمن السرد:  

أو زمن وقوع الأحداث ، و الحيز الذي تستغرقه . و لهذا يمكن التمييز ضمن هذا العنصر بين:

المدة : 

أي الحيز الزمني الذي يستغرقه  وقوع احداث الحكاية .

التعاقب: 

أي التتابع الزمني لوقوع الاحداث

ب ـ هيئة السرد:

 أي الكيفية التي تتجسد بها الأحداث في الخطاب . و يتجلى ذلك عن طريق رصد ما يلي :

=الضمير الذي يسند إليه الخطاب ويظهر به السارد .

= زاوية النظر التي ينطلق منها السارد في عرض الأحداث .

ج ـ أنواع السرد (أنماط السرد):

يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع من السرد:

السرد المتسلسل:

وهو الذي تتسلسل فيه الأحداث إما زمنيا أو منطقيا بحسب الترسيمة الآتية :  الحدث...1 الحدث ...2 الحدث...3 الحدث...4 إلخ

السرد المتداخل:

وهو الذي تتداخل فيه الأحداث وتتشابك بحسب الترسيمة الآتية:  

السرد التناوبي:

وهو الذي تتناوب فيه حكايتان كالآتي:

حكاية1 – حكاية2 -  حكاية1 – حكاية2 - ...

د- اشكال الرؤية السردية:

يمكن التمييز بين ثلاثة مستويات متباينة من  في السرد: 

1 - الرؤية من الخلف:

 في هذه الحالة يكون السارد اكثر معرفة من الشخصية الحكائية بحيث يكون قادرا على سبر أغوار العالم النفسي لشخصية البطل او غيره من الشخصيات الفاعلة في النص وهو لا ينشغل بأن يشرح للمتلقي كيف اكتسب هذه المعرفة كما يتجلى تفوق السارد إما في معرفته بالرغبات السرية لشخصيات النص المتعددة، و إما في سرد أحداث ورغبات نفسية لشخصية واحدة (في الغالب شخصية البطل).

2- الرؤية المصاحبة

 و في هذه الحالة   يعرف السارد مقدار ما تعرفه الشخصية الحكائية ولا يستطيع ان يمدنا بتفسير للأحداث قبل ان يتوصل إليه عبر باقي الأحداث فتكون معرفة السارد مساوية لمعرفة الشخصية التي يتتبعها السرد والتي يرى المتلقي الاحداث من خلال زاوية نظرها كما هو شأن السارد في السيرة الذاتية ويمكن القيام بالسرد في هذه الحالة إما بواسطة ضمير المتكلم المفرد حين تكون الشخصية مشاركة في الأحداث وشاهدة عليها وهو ما يؤكد تساوي السارد و الشخصية في المعرفة ، أو بضمير الغائب لكن وفق الرؤية التي تكونها نفس الشخصية عن الأحداث كما هو شأن السارد في مؤلف الأيام للكاتب طه حسين. 

3- الرؤية من الخارج:

 يعرف السارد في هذا المستوى أقل مما تعرف أي شخصية من شخصيات النص السردي، فينقل الينا الأحداث كما تقع و يكتفي بوصف و سرد ما يراه و يسمعه المتلقي دون قدرة على النفاذ الى العوالم النفسية للشخصيات.

إن رصد هذه العناصر من شأنه ان يمكن من الخروج بتصور واضح عن بنية الحكاية ونسق تفاعل عناصرها. وكشف الخصائص والتقنيات الفنية التي تميز طريقة الكاتب في تشييد الحكاية لغويا. 

الاسمبريد إلكترونيرسالة