U3F1ZWV6ZTQyOTkyMTg2NzMzX0FjdGl2YXRpb240ODcwNDIxNTg3MTE=
recent
أخبار ساخنة

الهوية،عناصر الهوية الثقافية ومستوياتها

الهوية

تحليل نص "عناصر الهوية الثقافية ومستوياتها "


الكاتب : محمد عابد الجابري.

مصدر النص ":

"المسألة الثقافية" مركز دراسات الوحدة العربية"،بيروت ،1994،ص39 بتصرف.

المستوى : الثانية باكلوريا علوم.

المقرر : منار اللغة العربية.

       عناصر الهوية الثقافية ومستوياتها

تقديم

العولمة : من أهم التعاريف التي أعطيت للعولمة أنها  ظاهرة عالمية  جعلت من دول العالم المتعددة والكثيرة عالما صغيرا واحدا وقد  بدأ الناس أفرادا وجماعات يحسون بمناخها وتلون العالم بنكهتها  فهي أشبه بحلة جديدة اكتشف العالم أنه أصبح مضطرا لارتدائها و التعامل مع شتى مناحي الحياة من خلال شروطها  شاء أم أبى في ظل التطورات والتغيرات الاقتصادية والتواصلية والتكنولوجية الحديثة وهي تسعى إلى تعزيز التعامل بين مجموعة من المجالات المالية التجارية والاقتصادية وغيرها كما تساهم في الربط بين القطاعات المحلية  والعالمية.

وتعرف أيضا بأنها عملية تطبقها المنظمات والشركات والمؤسسات   الكبرى  بهدف تحقيق نفوذ دولي أو توسيع عملها ليتحول من محلي إلى عالمي. ويحمل  هذا التعريف إشارة قوية إلى نقطة انطلاق اسم العولمة وتتمثل في المجال الاقتصادي الذي نرى أنه سرعان ما أصبح مزاحما في ظل الاكتشافات التواصلية التكنولوجية والرقمية الحديثة   من طرف ميادين أخرى وعلى رأسها الميدان الاجتماعي حيث تحول العالم بفضلها إلى عالم أشبه بقرية صغيرة  يتشارك سكانها أغلب المعلومات عن بعضهم البعض.

أما الهوية الثقافية فهي مجموعة من العناصر التاريخية والحضارية  واللغوية والمعنوية والفكرية والدينية والذوقية التي تصاحب الفرد البشري حيثما توجه لأنه يستشعرها أو تصدر عنه حسب المواقف بشكل عفوي ولأنه يستبطنها في شعوره وفي لا شعوره تعيش معه حيثما حل وارتحل  . إن الهوية الثقافية هي تلك العناصر كلها والتي يكتسبها الفرد من المحيط الاجتماعي الذي ينتمي إليه وبمجرد ما تتسع دائرة هذا المحيط يبدأ الفرد في التقاط تفاصيل جديدة تميز هويته الثقافية والنتيجة أن الهوية الثقافية هي تلك المميزات التي اكتسبها من محيطه والتي تسمح بالقول إنها هي نفس المميزات التي تكتسبها الجماعة نفسها بمعنى أن الهوية الثقافية تبدأ من الجماعة  لتصل إلى الفرد  وهكذا فلكل جماعة بشرية  هويتها الثقافية.

ملاحظة النص:

النص كما هو واضح من عنوانه مقالة ذات بعد فكري ثقافي يفترض فيها أنها ستتعرض لموضوع الهوية الثقافية وتعمل على تعريفها وتحديد عناصرها و مستوياتها.

 فهم النص: أهم مضامين النص

 أكد الكاتب على أنه لا يمكن للهوية الثقافية أن تخضع أو تدرج تحت مقولة العولمة لأنه ليست هناك ثقافة واحدة ولكن هناك ثقافات متعددة.

قدم الكاتب تعريفا للثقافة فهي من وجهة نظره ذلك المركب المتجانس من الذكريات والتصورات والقيم والرموز والتعبيرات والإبداعات والتطلعات التي تحتفظ لجماعة بشرية ما بهويتها الحضارية.

 حصر الكاتب الثقافات في خانات بعينها على الرغم من تعددها فمنها ما يميل الى الانغلاق والانكماش ومنها ما يسعى الى الانتشار ومنها ما ينعزل حينا وينتشر أخرى.

ـ بين الكاتب أن الهوية الثقافية ثلاثة مستويات:

 فردية وجماعية ووطنية قومية،

يؤكد الكاتب على أن الهوية الثقافية تغتني بتجارب أهلها ومعاناتهم واحتكاكها سلبا وإيجابا بالهويات الثقافية الأخرى.

ويؤكد أيضا أن العلاقة بين مستويات الهوية الثقافية تتميز بالتغير والتبدل حسب الظروف والمصالح التي تحركها ويشير الكاتب هنا إلى الهوية الفردية والهوية الجماعية والهوية الوطنية القومية فكل هوية من هاته الهويات تتحدد بنوع الآخر حيث إنه إذا كان داخل جماعة فسنتحدث عن الهوية الفردية وإن كان داخل أمة فالهوية الجماعية هي التي تفرض نفسها أما إذا كان موجودا خارج الجماعة فإن الهوية الوطنية القومية هي التي تملأ "الأنا "

ويرى الكاتب أن الهوية الثقافية لا تكتمل ولا تبرز خصوصيتها الحضارية إلا إذا تجسدت مرجعيتها في كيان مشخص تتطابق فيه ثلاثة عناصر هي:

الوطن والأمة والدولة.

 تحليل النص

معجم النص:

 يتكون معجم النص من عدة حقول دلالية أهمها:

 حقل دال على الهوية الثقافية:

" الهوية الثقافية، ثقافة عالمية، هويتها الحضارية، ثقافات متعددة ومتنوعة ،الهوية الثقافية كيان يصير، يتطور، ذلك المركب المتجانس من الذكريات والتصورات ، تتحرك الهوية الثقافية على ثلاث دوائر متداخلة، ذات مركز واحد، الهوية الثقافية في الغالب مستويات ثلاثة ، هوية متميزة ومستقلة، الهوية الفردية، الهوية الجماعية، الهوية الوطنية..."

 نستنتج أن هذا الحقل الدلالي يهيمن على معجم النص بامتياز بحيث نكاد لا نعثر على سطر داخل النص يخلو من لفظ أو عبارة تنتمي إلى هذا الحقل الدلالي وذلك راجع إلى طبيعة النص التفسيرية التي تعمل على تفسيرهذا الموضوع تحديدا: الهوية الثقافية وعناصرها ومستوياتها ،ونحن نلاحظ بالفعل أن الوحدات المعجمية لهذا الحقل ترتبط أساسا بتلك العناصر والمستويات المحددة للهوية الثقافية.

قدم الكاتب تعريفين للثقافة وقد ركز الأول على ماهية الثقافة بينما حدد الثاني وظيفتها كما أن الأول يتميز بكونه تعريفا واسعا للثقافة بينما يتميز الثاني بالاقتصار على المفهوم الضيق لها ومن هنا فإن إحدى أهم ميزات أسلوب هذا النص أنه اعتمد أساليب تفسيرية عديدة وعلى رأسها أسلوب التعريف كما رأينا ثم أسلوب التضاد (الأخذ والعطاء ) وأسلوب الترادف (التنوع والتعدد) وأسلوب التكرار ( الهوية، الثقافة ، ...)

لغة النص:

ككل النصوص المقالية يهيمن على هذا النص الأسلوب البلاغي الخبري بامتياز وتتراوح جمله بين الخبر الابتدائي مثل قول الكاتب ( ونحن نقصد بالثقافة هنا ذلك المركب المتجانس من الذكريات والتصورات ... )

والخبر الطلبي مثل قوله: (إن الثقافة هي المعبرالأصيل عن الخصوصية التاريخية )

والخبر الإنكاري مثل (إن الثقافة لا يمكن أن تقع تحت مقولة العولمة لسبب بسيط هو أنه ليست هناك ثقافة عالمية واحدة .)

ويساهم الأسلوب الخبري في عملية الإخبار ونقل أفكار الكاتب إلى المتلقي في وعاء لغوي قريب إلى فهمه كما أنه يمثل أداة من أدوات الإقناع والحجاج .

من جهة أخرى يساهم الأسلوب الخبري في منح  لغة النص طابعا تقريريا

وقد ساهمت في نسج بنية النص عدة ظواهر لغوية منها ظاهرة الاشتقاق مثل قول الكاتب ( تلزم عن هذا التعريف لزوما ضروريا ...) وقوله (ولكن وجدت وتوجد وستوجد ثقافات متعددة...).

كما يتميز النص بطابع من الاتساق والتماسك واللذين يستمدهما من:

ـ تسلسل الأفكار

ـ وحدة الموضوع

ـ الاعتماد على الروابط اللغوية.

 تركيب وتقويم

عموما فقد خص الكاتب القارئ بهذه المقالة التفسيرية التي عرفه من خلالها على المقصود بالهوية الثقافية وفصل له أهم عناصرها ومستوياتها وقد صاغ هذا النص عبر حلة لغوية تحكمت فيها عدة بنى ومستويات وعلى رأسها المستوى المعجمي الذي تحكم فيه حقل دال على الهوية الثقافية ، ومن الناحية الأسلوبية البلاغية فقد حضر الأسلوب الخبري بأشكاله الثلاثة :  الابتدائي والطلبي والإنكاري وهو ما يجعلنا نضع أيدينا على منشإ وظيفته الإخبارية والإقناعية في النص ،ولا ننسى هنا أن نسجل استعانة الكاتب بمجموعة من الأساليب التفسيرية وعلى رأسها أسلوب التعريف، ومن جهة أخرى فقد اتصف النص بطابع من الاتساق والتماسك.

 

عن نفسي سأقف بناء عظيما وشامخا في وجه أي مد عولمي لأني لن أقبل أن تندثر معالم هويتي  ولست مستعدا للتخلي عن هويتي الثقافية لأنها منبع ذاتي ووجداني بها أحيا وأصير وأتطور ومنها أنظر إلى العالم مستعدا إلى الانفتاح على ثقافات أخرى تزيد هويتي غنى وثراء و حنكة معرفة . 

الاسمبريد إلكترونيرسالة